وداعا أيها الهرم: محمد بن عبد السلام، رائد الأغنية المغربية إلى الأبد

بقلم: زكية لعروسي

في لحظة من الحزن والأسى، يودّع المغرب أحد أعمدة الأغنية الشعبية المغربية، الفنان الكبير محمد بن عبد السلام، الذي رحل عن عالمنا عن عمر يناهز 98 عاما، مخلفا وراءه إرثا موسيقيا لا يُنسى. إنه “المايسترو” ءكما لقبه الراحل الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراهء الذي نقش إسمه بحروف من ذهب في ذاكرة أجيال متعاقبة بألحانه وأغانيه التي تجاوزت حدود الزمن.

محمد بن عبد السلام لم يكن مجرد ملحن، بل كان مهندسا موسيقيا استطاع أن “يُمَغرب” الأغنية الوطنية، منتزعا إياها من تأثيرات الموسيقى الشرقية ليصنع منها هوية فريدة تليق بالمغرب وتُرضي ذوق جمهوره. لقد أبدع بأسلوبه البسيط والعميق في آنٍ واحد، فحملت ألحانه سحرا خاصا اجتذب قلوب المغاربة من طنجة إلى الكويرة، بل وصل إلى آفاق أبعد.

رحل الرجل، لكن عبق ألحانه سيظل يعيش بيننا. من يستطيع أن ينسى روائعه الخالدة؟ ” يا لمسرارة”، “عطشانة”، “يا الغادي فطوموبيل”، و”السنارة”، كل واحدة منها تحمل عبيراً من روحه المبدعة. أعمال مثل “زهرة جيبي الصينية”، “عندي بدوية”، و”البحر” لم تكن مجرد أغانٍ، بل كانت سرديات موسيقية تجسد واقع الحياة المغربية بحلاوتها ومرارتها.

وُلد محمد بن عبد السلام في عام 1932 بمدينة سلا، وقد كان واحداً من رواد ثلاثة شكلوا ملامح الأغنية المغربية المعاصرة، إلى جانب الراحلين عبد القادر الراشدي ومحمد فويتح. كان الفقيد عبقرياً بلا منازع، وأحد أعظم المساهمين في تشكيل الهوية

لقد حمل إرثا ثقيلا على عاتقه، لكنه أتقن هذه المهمة ببراعة. أغانٍ مثل “الله عليها زيارة”، “سولت عليك العود والناي”، و”إيعيش بلادي” تظل شاهدة على عطاءاته التي لا تقدر بثمن.

في هذا اليوم الحزين، تنعى جريدة “الكوليماتور” هذا الهرم الموسيقي الذي لن تكفي الكلمات لوصفه. قلوبنا مع عائلة الفقيد، غيثة ورشيد بن عبد السلام، وكل محبيه الذين فقدوا أبا موسيقيا حقيقيا.

لقد رحل محمد بن عبد السلام عن عالمنا، لكن ألحانه ستبقى تنبض في قلوبنا. إنها إرث سيُتناقل ككنز موسيقي خالد، كما ستظل شهادات الحزن والاحترام التي أبداها فنانون أمثال نعمان لحلو وغيره شاهدا على عظمة هذا الرجل، وفنه الخالد.