هل تتراجع إيران عن الانتقام من إسرائيل؟

بقلم: د. أحمد موسى*

أفادت بعض المصادر المطلعة من داخل إيران بأن الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، طلب في لقاء جمعه بمرشد الثورة الإيرانية، علي خامنئي، أن يتراجع عن تنفيذ وعيد إيران بتوجيه ضربات مباشرة لإسرائيل انتقامًا لانتهاك سيادتها وردًا على اغتيال إسماعيل هنية في قلب طهران. بزشكيان أعرب عن مخاوفه بأن يؤدي هذا الهجوم إلى اندلاع حرب من شأنها أن تعصف برئاسته لإيران وتؤثر سلبًا على بداية عهدته الرئاسية.

وحذَّر الرئيس الإيراني من الحرب الكلامية التي يخوضها القادة العسكريون لبلاده ومن أنَّ رد إسرائيل على الضربات الإيرانية قد يفضي إلى تدمير البنية التحتية لإيران ومصادر الطاقة بما يؤدي إلى خلق شلل اقتصادي وانهيار الدولة.

وكانت إيران قد هددت إسرائيل باستهدافها بشكل مباشر بقصف صاروخي إثر اغتيال الموساد لإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس في طهران.

هذا في الوقت الذي تطالب فيه الكثير من الدول الصديقة والعدوة لإيران بضبط النفس وتخفيض حدة التوتر.

يبدو أن مسؤولي إيران ليسوا جميعهم على قلب رجل واحد في قضية الانتقام من إسرائيل، ونشهد بين الفينة والأخرى خروج أصوات من داخل الحكومة لا تتردد في التعبير عن قلقها من عواقب هذا الهجوم إن هو حدث. كما هو الحال بالنسبة لبزشكيان الذي أكد، في محضر خامنئي، على الثقة التي منحها المواطنون لنوابهم وأن هذه الثقة يجب أن تكون محل اهتمام، وذكَّر بتراجع منسوب هذه الثقة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أوصلته إلى سدة الحكم.

كما اشتكى الرئيس الجديد من الضغط الذي يمارسه الأشخاص وتمارسه وسائل الإعلام المرتبطة بالحرس الثوري التي تدفع بإيران إلى توجيه رد عسكري قوي لإسرائيل حتى وإن كان ثمن ذلك باهظًا من الناحية الاجتماعية والاقتصادية.

بحسب المصادر ذاتها فإنَّ خامنئي لم يعلق على طلب بزشكيان في هذا اللقاء ولم يتفاعل مع توجساته رغم تأكيد بزشكيان لخامنئي أن هؤلاء الأفراد والكيانات يدعون أنه لا يتمتع بخبرة في المجال الأمني والعسكري ما يجعله عاجزًا عن إبداء رأيه في هذا الموضوع، لكنه أكد بأنَّ معارضته للهجوم العسكري ناشئة من حرصه على مصلحة الدولة وموقعها في المنتدى الدولي.

وأردف أن الحرب مع إسرائيل سوف تقوِّض أي فرصة لردم الهوة بين الحكومة والشعب، وإعادة بناء الاقتصاد الإيراني، كما ستضر بصورة إيران على المستوى العالمي. وفي اللقاء ذاته أشار رئيس إيران الجديد أنه يحمل على عاتقه مسؤولية الاستجابة لمطالب الشعب الإيراني الذي صوت عليه بتحسين ظروفه المعيشية والاقتصادية والاجتماعية ومعالجة الاختلالات.

فهل تنكفئ إيران عن الرد على إسرائيل وتترك الفرصة لرئيس البلاد لمعالجة القضايا الداخلية، أم أنها ستغرق في مستنقع “الرد القاسي” وتعمق الخلاف بين مؤسسة الرئاسة والحرس الثوري؟

*أستاذ اللغة الفارسية والأدب المقارن، مترجم ومختص بالشؤون الإيرانية