وليد في «الشبكة»

بقلم: عبد الدين حمروش

خسر المنتخب الأولمبي المغربي مباراة نصف النهاية، في مواجهة نظيره الإسباني. كانت أطوار المقابلة شيقة. وقد استطاع الأولمبي المغربي أن يقف ندا للأولمبي الإسباني، وبخاصة بعد امتصاص اندفاع لاعبي الأخير، في ما يقترب من نصف الساعة الأول من بداية المقابلة. بعد ذلك، تبادل المنتخبان جملا كروية جميلة، توجت بهدف سفيان رحيمي، عن طريق ضربة جزاء في البداية، ليعقبه هدفان لصالح الإسبان في الشوط الثاني.

على كل حال، انتهت المباراة بخسارة الأولمبي المغربي نصف النهاية، في انتظار المنافسة على المركز الثالث (أي الميدانية البرونزية)، خلال الموعد الكروي القادم. لا نريد مناقشة حيثيات المباراة من الناحية التقنية، حيث كان بإمكان أولمبيينا الحفاظ على تقدمهم في النتيجة، تكرارا لما حصل في قطر، ضد الإسبان أنفسهم. هذه هي كرة القدم كما يقال: مرة تربح، مرة تخسر.

 

 

في الحقيقة، ما نريد مناقشته، اليوم، هو الذي كانت تدور أطواره خارج الملعب. والبطل في ذلك، بالطبع، كان مدرب منتخب الكبار، السيد وليد الرݣراݣي. فبين الفينة والأخرى، كانت الكاميرا تنقل لقطات من حضوره، لمتابعة أطوار مقابلات الأولمبي. ليس لنا أي تعليق على ذلك: أن يتابع، مثل باقي الجمهور، من على المدرجات. غير أن الصور المتناقلة عنه، وهو يوجه توجيهات، من على مدرجات ملعب أليانز ريفيرا بنيس، مثلا، خلال دور المجموعات، هي التي أضحت تثير الملاحظة والتعليق. وقد تجاوزت تدخلات الرݣراݣي ذلك الحد، بالتقاط صور أخرى له، وهو يوجه اللاعبين في الممر المؤدي إلى غرف الملابس، خلال فاصل الاستراحة، بعد أن كان منتخبنا الأولمبي متقدما بهدف، خلال مباراة النصف.

هل كان الرݣراݣي سببا في خسارة المباراة ضد الإسبان؟ كثيرون يذهبون إلى هذا الاستنتاح، في ضوء خطط المدرب وليد المكرورة، التي صارت فاشلة بالنسبة إليهم، والتي تسببت في إخراج منتخب الكبار من الفوز بالكأس الإفريقية الأخيرة، أو على الأقل من لعب مبارياتها النهائية.

من حق الناس أن تتجه إلى هذا الاستنتاج، بعد أن كانوا يتابعون الرݣاݣي وهو يوجه تعليماته إلى الأولمبيين، متجاوزا بذلك المدير الفني المباشر، أي طارق السكيتيوي. من المؤكد أن ها “هنا” تكمن المشكلة. والأمر، فيها، لا يتعلق بخسارة المقابلة في حد ذاتها. إنه أكبر من ذلك. ويمكن صياغته في سؤال: كيف يتدخل الرݣراݣي في ما لا يعنيه، أو بالأحرى في ما يعني المدرب طارق السكيتيوي وحده؟

ترى ما هي الرسائل التي ظل وليد يرسلها، بقصد أو بغير قصد، بظهوره متجها بتعليماته إلى الأولمبيبن؟ هل كان يريد أن يقول: أنا هو المدرب الحقيقي، وليس السكيتيوي؟ إذا فاز اللاعبون فأنا هو صانع الفوز، وإذا لم يفوزوا فصانع الهزيمة هو السكيتيوي؟
في خلاصة واحدة: إن ثقافة التعليمات من فوق، خارج إرادة المسؤولين المباشرين، وللأسف، لا تريد أن تزول من نسق تدبيرنا العام.

الرݣراݣي، ولد في أوروبا، وتربى في أوروبا. والثقافة الأوروبية، بالمعنى التربوي، هي التي صنعت نجاحاته، بصفته لاعبا، ثم مدربا. وحين توفر له أن يفيد الكرة المغربية، بما اكتسبه من نظيرتها الأوروبية، على مستوى حسن التدبير، وبالتالي تحمل المسؤولية، وجدناه يرتد عن مسببات كل نجاحاته تلك، ممثلة في: رفض التعليمات من فوق، واحترام المسؤولية الملقاة على العاتق، والقبول بالمحاسبة في حالة الإخفاق.

إن معظم اللاعبين، في جميع المنتخبات المغربية، من الفتيان إلى الكبار، هم من مواليد أوروبا، ومن حاملي هويات بلدانها. وهذا موضوع آخر. ذلك، لأننا ننافس الأوروبيين بأوروبيبن، من التربية الثقافية (والكروية) ذاتها، وإن كانت أصولهم ترجع إلى المغرب. ما من شك في أن هؤلاء اللاعبين “الأوروبيين” لم يفهموا شيئا، من تدخلات الرݣراݣي تلك، أو بالأحرى فهموا أشياء، غير أنها لا تليق بمدرب أضحى عالميا: مدرب الكبار يتجاوز مدرب الأولمبيين، على أساس أنه هو الحاكم بأمر الكرة، أما الآخر فهو مجرد واجهة.

إن تحديد المسؤولية، وممارستها بالتزام، طريق سيار نحو المحاسبة. أما غير ذلك، فخلط، وهروب. هل آن لثقافة التعليمات من فوق أن تنتهي، وإلى غير رجعة بالمرة؟