بقلم: زكية لعروسي*
أثار انتباهي مقال عن تقديم المبدع محمد شكري ب(شكري ” اللاأخلاقي” ) في الدورة الثامنة عشرة من مهرجان التويزا الذي سيتم ٱفتتاحه يوم الجمعة المقبل.
عنوان مستفز لمن احبوا ويحبون محمد شكري، يُمارَسُ فيه نوعا من الإقصاء بحق قلمه.، وبالفتى المتخلق كما وصفه ومازال يفعل البعض من أصدقائه القلائل، ومنهم المراة المثقفة والكاتبة خديجة لمنبهي التي تشهد له في حواراتي معها بأخلاقياته العالية:
“كان من اعز اصدقائي..
كان يعزني كثيرا
Un vrai gentleman
رأيته يحترم النساء بشكل كبير
ويحن عليهن
و هذا ما جعلني احس بحنان كبير اتجاهه
كم من أمسية قضينا معه
الزمان لا يرحم، إذ مساء موته
قال: يوم واحد فوق التراب احسن من ألف يوم تحته
فقد كان متشبتا بالحياة والقيم؛
بعض الأشخاص تبقى ذكراهم أبدية”
فإذا كانت الأخلاق هي المعاملات وليس الإبداع
ف هل العنوان (شكري “اللاأخلاقي”) تتويج لقلم اُمَيٍّ رائع لم يشبه احد، بل يشبه نفسه فقط.. قلم كتب ليحكي ويعبر عن معيش وسط القمامة والاحتكاك باوكار الدعارة ليغزو الساحة الأدبية في السبعينات بسيرة يبدو وكأنها توقع به الآن؟ ام هي اسكيزوفرينيا المثقف المغربي؟ بمعنى هل نحن نتحدث عن القلم ام الإنسان في (شكري ” اللاأخلاقي”) ، وإذا كان المعني هو القلم، فهل للقلم أخلاق؟
لا اقول ان كتابات محمد شكري غير قابلة للنقد، فهي ترضخ لنفس القوانين التي يرضخ لها الإبداع كمادة للنقد، لكن ان توضع عبارة ” اللاأخلاقي ” بين قوسين في العنوان: شكري اللاأخلاقي” فهذا – في نظري- بداية لتأسيس أحكام مسبقة لمن يريد أن يذوق شيئا من “الخبز الحافي” وإلغاء لمنتوجه. فعبارة :اللاأخلاقي” قد يفهمها البعض من أصحاب النوايا الحسنة كتحذير، وتشكيك معيب للإبداع الادبي ” الخبز الحافي”.. إبداع كان هو الحاسة السادسة لهذا المبدع ومتنفس قوَّمَ به ما ارتكبه جسده من خطأ، واداة قاوم بها ضراوة طفولة وبيئة بلهاء لا ترحم.
إنه الفتى الذي تلبَّسَهُ الفقر’ فكتبت بخيال الأمي الذي تثقف بمدارس وجامعات القمامات، إنسان عاش اليتم مع اب لم يحضنه بعيدا عن عالم الفراشات. وكان به توقع مثل هذه المجابهات المحتملة الغائبة بحياته، فاجاب ناقديه:
” أنا إنسان عاش التشرد، أكلت من القمامة و نمت في الشوارع، فماذا تريدون أن أكتب عن الفراشات !؟”
فكيف نطلب من قلمه أن يكون نخبويا، والاقدار والنقاد لم تنصفانه، وربما كان في هذه الحال الصمت ارحم، وإن كان هذا الاخير (الصمت) غير ناصف له لأن الإبداع متعة والنقد زيادة المتعة وغيابه موت للإبداع كما عبر عن ذالك توماس ستيرنز اليوت.
فوصفُك يا شكري ب شكري “اللاأخلاقي”يمكن أن ينطبق عليه المثل القائل ” مشا يكحلو اعماه”، فعلى الاقل تفاديت أيها الأمي المبدع والمثقف ان تدفع مالا لمن يعادونك ويكرهونك ليكفوا عن نقدك كما ينقل عن صنيع مارسيل بروست صاحب ” البحث عن الزمن المفقود” الذي ساوم نقاده وربما عن عبث ….
*شاعرة مغربية مقيمة بباريس