شكلت دينامية الاستثمار التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، موضوع جلسة نقاش نظمت أمس الأربعاء بالكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا بالقنيطرة، في إطار الدورة الثانية للندوة الإعلامية حول القضية الوطنية.
وأجمع أكاديميون وخبراء بارزون، خلال هذه الجلسة التي تناولت موضوع “الأقاليم الجنوبية.. دينامية التنمية”، على أن الازدهار التي تشهده الصحراء المغربية ينبع من الرؤية الملكية المستنيرة الرامية إلى جعل هذه المنطقة قطبا اجتماعيا واقتصاديا رائدا، في ظل الجهود الهادفة إلى الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.
وفي هذا الصدد، أكد الخبير الجيوسياسي الفرنسي، إيمريك شوبراد، أن جلالة الملك محمد السادس جعل تنمية الأقاليم الجنوبية على رأس الأولويات الوطنية، من خلال نهج سياسة متعددة القطاعات تشمل مجالات مهمة كالتعليم والصحة وتعزيز حقوق الإنسان وتطوير البنيات التحتية ووسائل النقل.
وأشاد السيد شوبراد بالإرادة القوية لجلالة الملك لوضع المغرب على سكة التنمية الشاملة والمتسقة، مشيرا إلى أن المملكة قامت باستثمارات كبيرة وأنجزت مشاريع ضخمة من أجل تحقيق الازدهار بالأقاليم الجنوبية.
وشدد في ذات السياق على أن سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية لا تقبل الجدل، مضيفا أن حل قضية الصحراء المغربية لا يمكن أن يتم إلا ضمن السيادة التامة والشاملة للمملكة وفي إطار مخطط الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية.
من جانبه، أبرز أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، محمد زكرياء أبو الذهب، أن المخطط المغربي للحكم الذاتي يتيح لساكنة الأقاليم الجنوبية إمكانية تدبير شؤونهم بأنفسهم في إطار الوحدة الوطنية والترابية والسيادة المغربية، مؤكدا على ضرورة التحلي بالواقعية باعتبارها نهجا عمليا لتجاوز جمود الشكليات القانونية والمعيارية.
من جهتها، وفي معرض تطرقها للمبادرة الملكية الرامية إلى تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، سلطت المؤسسة المشاركة والمديرة العامة لمجلة “ماروك ديبلوماتيك”، سعاد مكاوي، الضوء على الأبعاد الإفريقية والأطلسية للدبلوماسية المغربية في انسجامها مع الرؤية الملكية الهادفة إلى ترسيخ التجذر الإفريقي للمملكة.
وأشارت في هذا الصدد إلى أن الدبلوماسية المغربية تقوم على “تحديث وتنويع العلاقات الدولية” بهدف ضمان تموقع المغرب كحلقة وصل بين القارات من خلال مضاعفة الشراكات الاستراتيجية مع بلدان العالم.
كما أكدت على “العمق الإفريقي للمغرب” ومكانته الرائدة على مستوى القارة، وعلى الخيار الإرادي للمملكة لتشجيع التعاون جنوب – جنوب والاستثمار في القطاعات الحيوية للشعوب الإفريقية.
من جانبه، تطرق أستاذ التعليم العالي، عز الدين غفران، في مداخلته إلى المشاريع المهيكلة المنجزة في الأقاليم الجنوبية تجسيدا للرؤية الملكية الاستراتيجية الهادفة إلى تعزيز التنمية السوسيو – اقتصادية بالمنطقة.
وأشار السيد غفران ، وهو أيضا باحث مشارك بالمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، في هذا السياق إلى أن المشاريع المهيكلة من قبيل الطريق السريع تزنيت – الداخلة، وميناء الداخلة الأطلسي، والمنطقة الحرة لغرب إفريقيا بالداخلة، أنجزت في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، بهدف الإدماج الكامل لهذه الاقاليم في محيطها الوطني والجهوي.
وأبرز أنه منذ سنة 2016، تطور معدل إنجاز المشاريع ذات الأولوية بشكل ملحوظ، ما مكن الأقاليم الجنوبية من تحقيق معدلات نمو ونصيب للفرد من الناتج المحلي الإجمالي أعلى من المعدل الوطني.
وجمع هذا الحدث المنظم، على مدى يومين، تحت عنوان “الصحراء المغربية: الأسس التاريخية وديناميات التنمية” أساتذة بارزين وشخصيات مرموقة على المستوى الدولي، في إطار أنشطة للبحث والدراسات منظمة لفائدة ضباط القوات المسلحة الملكية والضباط المتدربين بالكلية.
وشكل اللقاء مناسبة للتعريف بالجوانب التاريخية والأنثربولوجية والجيوسياسية والسوسيو – اقتصادية للأقاليم الجنوبية للمملكة.