تأهل المنتخب المغربي النسوي إلى الدور المقبل، بعد الانتصار الحاسم على المنتخب الكولومبي. الدرس، الذي يمكن تسجيله، في إثر هذا التأهل، هو الإصرار على تحويل الفشل إلى نجاح، حتى في ظل تضاؤل الحظوظ. هذه الثقافة الكروية المستجدة، خلال السنوات الأخيرة، بدأنا نلاحظ سريانها في أنديتنا ومنتخباتنا. بالطبع، الموضوع له علاقة بالتربية على صناعة الفوز، و قبله على صناعة البطل. أرجو ان تترسخ هذه الثقافة، وبالتالي ألا تكون مجرد “سحابات عابرة”، وفي كرة القدم وحدها، ثم نعود إلى مراكمة الفشل تلو الفشل.
ما أود التركيز عليه، بعد تسجيل الخلاصة الاولى، له علاقة بالإعلام الذي غطى فوز المنتخب النسوي، في جوارنا القريب بالشمال، والأقرب منه في الشرق. وإذ انتزعت نساء منتخبنا التنويه، من قبل إعلام دول كثيرة، في مختلف القارات، جراء الفوز التاريخي المستحق، ألفينا جارنا الشرقي، وعلى مرمى بصر من “جوج بغال”، يضرب صفحا عن الإشارة إلى فوز” اللبوءات”، وكأن منتخب ألمانيا أقصى نفسه بنفسه. هذا السلوك الممعن في الشذوذ، الذي بدأ مع انتصارات منتخب الرجال في مونديال قطر، لم يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الفاصلة بين الحدثين العالميين. يكفي تلك التغطيات الإعلامية، في مختلف المنابر، الإقليمية والدولية، التي وقفت عند الشذوذ الإعلامي الجزائري، بكثير من الاستغراب والسخرية. نعم، إنها دولة كبيرة في مساحتها، لكن لا تريد ان تكبر في “عقلها”.. للأسف!!!
الخلاصة الثالثة، التي يجدر تسجيلها، بعد التأهل الصعب و الباهر، هي التغطية الفرنسية للمنتخب النسوي المغربي، وبالتركيز على الموضوع الأثير لديها: “الحجاب”، وهذه المرة حجاب اللاعبة بنزينة. يبدو ان تطرف علمانية فرنسا، في مسألة حجاب الرأس، دون باقي العلمانيات في اوروبا، أضحى مرضا فرنسيا بامتياز.
بعد حظر الحجاب في منتخبهم النسوي، لم يعد أمام الإعلام الفرنسي، الذي صار نموذجا للاسلاموفوبيا في اوروبا، غير متابعة حجاب المدافعة “نهيلة بنزينة” بكثير من الحقد والغل. لقد انصفت الفيفا اللاعبات المحجبات، بعد ان ضمنت لهم الحق في ممارسة كرة القدم. ويبدو ان هذا الإنصاف لم يرق لبلاد التنوير، بلاد الحريات والمساواة وحقوق الإنسان. ان تقوقع النخب الفرنسية حول موضوعة “الحجاب”، صباح مساء، وفي مختلف القنوات والمواقع، ينم عن إفلاس مريع للعقل الفرنسي، بل وحتى للروح الفرنسية.
ها هو طارق رمضان يتمنى، في تويتة، اليوم، الفوز للمنتخب النسوي المغربي ضد نظيره الفرنسي. فهل تكون مناسبة سانحة، لا ينبغي للنخب الفرنسية تضيعها، من اجل فتح جبهة جديدة ضد رمضان، ضد الحجاب، وضد العرب والمسلمين؟ اما آن لفرنسا ان تستعيد توازنها، بعد كل هذه “السقوطات” في الداخل، كما في الخارج؟