ربح المغرب رهانا كبيرا، في الآونة الأخيرة، يهم وحدته الترابية. هذا الرهان، وإن كان ذا بعد تجاري- اقتصادي، الا ان امتداده السياسي هو مقياس نجاحه بالدرجة الأولى. ذلك ان في خلفية مناورات الخصوم، الذين لا يكفون عن مناوءة المغرب في وحدة اراضيه، تجري حرب شرسة ذات أوجه متعددة. فبعد ان انتصرت المملكة عسكرياً وامنيا، عبر اللجوء الى تطبيق فكرة تشييد “الجدار العازل”، انتقل الانفصاليون، مدعومين من عسكر الجزائر، إلى معركة اخرى، عنوانها ما هو تجاري- اقتصادي.
هكذا، انتهج الانفصاليون سياسة رفع دعاوى قضائية ضد المغرب، في محاولة لضرب كل الشراكات التجارية والإقتصادية، التي باتت تغطي اقاليمنا الجنوبية. وبعد ان خابت عدة مساع عدوانية، ومنها تلك التي تم فيها اللجوء الى حجز سفن محملة بالفوسفاط المغربي، تلقى دعاة الانفصال ومؤيدوهم ضربة قاصمة، من خلال اعلان أعلى محكمة في لندن، يوم أمس الخميس، عن صحة اتفاقية الشراكة، التي تربط المغرب بالمملكة المتحدة. القرار القضائي الصادر من لندن تاريخي بكل المعايير، وسيكون له ما بعده على الصعيد السياسي.
للاشارة، فإن قرار المحكمة البريطانية العليا، الذي يقوي اتفاقية الشراكة، يأتي قبل اشهر من انتهاء اتفاق الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي، بتاريخ السابع عشر من شهر يوليوز القادم. وعلى الرغم من ان تجديد الاتفاق من عدمه رهين بقرار محكمة العدل الأوروبية، الا ان قرار المحكمة البريطانية الأخير يمكن ان يقدم للشركاء الأوروبيين جوابا قانونيا، ان ارادوا الاحتكام إلى القضاء الموضوعي النزيه، لا القضاء المسيس المخدوم. فهل تناى محكمة العدل الأوروبية عن تسييس اتفاق الصيد البحري، وتعتبر بما انتهى اليه شركاؤهم في المملكة المتحدة؟
كيفما كان الجواب الأوروبي، فبحوزة المغرب قرار المحكمة البريطانية العليا من جهة، إضافة إلى أن بحوزتها شركاء متعددين من الشرق والغرب، ينتظرون توقيع مثل هذه الاتفاقيات، وفي طليعتهم روسيا الاتحادية والصين واليابان، من جهة أخرى.