كيف يمكن لنا أن نستقبل خبرا مثل هذا. الفنان والممثل ديلان روبير يحاكم بثلاثين شهرا حبسا نافدا من أجل السرقة في الشارع العام، بعدما أعترف بعدة سرقات نفذها في حق نساء تزين بقلادتهن دون أن يدركن أن ذلك سيتسبب لهن في لحظة صعبة وحرجة.
هذا الممثل حصل على جائزة سيزار الأمل الرجال سنة 2019 لأدائه المتميز في فيلم شهرزاد من إخراج جون بيرنار مارلان.
هذا الحدث يجبرنا على وضع سؤال ماكر : هل الفنان ملاك ؟
في دفاعه عن نفسه، قدم ديلان روبير والذي ينحدر من الأحياء المهمشة بمارساي، اعتذاره عن هذا الفعل الشنيع لأنه يفتقد أحيانا التركيز والتحليل السوي للأشياء. لقد كان بالإمكان ان يوفر لنفسه وضعا أفضل، بعدما خطى خطواته الأولى فوق البساط الأحمر. لكن مع كورونا وعدم ايجاده لعمل اضطر إلى السرقة.
مايهمنا في هذا الحادث، هو الصورة النمطية التي تسكن لاوعينا بخصوص الجانب الأخلاقي للفنان. صورة مثالية ولا علاقة لها بواقع يتميز باختلاف جذري، نظرا لتشعبات نفسية الذات الإنسانية الخاصة بالفنان. هذا الأخير يتميز بحساسية عالية مع توفره على
مؤهلات هائلة كي يحول حياتنا إلى لحظة متعالية على واقع بلا طعم وبائس. وبما أننا أمام ممثل استطاع أن يجدب له انتباه لجنة تحكيم السيزار المرموقة، فلأن له كل مقومات الفنان الذي يتقمص دوره بحيث يأثر فينا ويترك في داخلنا لحظة اسثتنائية أشبه بتلك المتعة التي لا تنطفئ والذكرى المنيعة والمقاومة لكل حلات الإنمحاء.
لكن الفن هو مهنة تضمن للفنان قبل كل شيء أن يعيش في وضع مريح. وهو كذلك إنسان معرض لكل الأعطاب التي تصيبنا.
أكيد أن الفنان يحس بأن وضعه جد مختلف عن عامة الناس، خاصة وأن كل الأنظار تتجه إليه، كما يتم تخصيص اهتمام مختلف له حينما يكون حاضرا في الحفلات. كل هاته الأشياء تساهم في خلق نوع من الإحساس بأن مرتبته هي في مستويات عالية.
لكن كل هذا لا يمنع من أن يعيش الفنان حياة عادية إذا استطاع أن يبعد عن نفسه كل هالات النجومية.
هذه النظرة المستلبة من طرف مايسمى الجمهور تثقل كاهل الفنان وتحمله ما لا طاقة له، رغم أن ذلك يمنحه الثقة ويدفعه لبدل المزيد من أجل ابهار الآخر.
تسلب من الفنان إنسانيته ليحول إلى أيقونة ويتم تفريغه من محتواه الإنساني حيث لا يسمح له بارتكاب الخطأ. هذا الأخير لا يتم الإعتراف به كممارسة حياتية. الخطأ قاتل ويكسر هذا التمثال من زجاج.
لا نسمح للفنان أن يشرب من نبع الخطايا كما لو كان نبيا معصوما من الخطأ. عليه أن يظل مثالا لكل الأشياء الجميلة وأن يحقق بعمله الفني كل مقامات السمو الإنساني.
الفنان حينما يخطأ أو يرتكب جرما كيف ما كان مستواه فإنه يفقد أهميته الفنية ليتحول إلى عامل بسيط في مهنة الفن.