
بقلم: محمد خوخشاني

جذور تاريخية عميقة
تعود العلاقات بين المملكة المغربية والمملكة المتحدة إلى قرون طويلة، إذ بدأت منذ القرن السادس عشر حين سعى الملوك المغاربة إلى إقامة توازن في علاقاتهم مع القوى الأوروبية غير الإيبيرية، خاصة بعد تصاعد النفوذ الإسباني والبرتغالي في المنطقة.
ومنذ ذلك الحين، تشكلت بين الرباط ولندن روابط قائمة على المصالح المشتركة والتفاهم المتبادل.
تحالفات ومبادلات تجارية بين السلاطين والملوك.
في عهد السلطان أحمد المنصور الذهبي، جرى تبادل رسائل دبلوماسية مع الملكة إليزابيث الأولى، فتأسس بذلك حوار سياسي غير مسبوق بين المملكتين.
اهتم الطرفان بالاستقرار في البحر الأبيض المتوسط وبالتجارة البحرية، فكانت إنجلترا ترى في المغرب بوابة نحو إفريقيا والعالم الإسلامي، فيما اعتبر المغرب التعاون مع لندن وسيلة لتوازن علاقاته مع القوى الأوروبية الأخرى.
القرن التاسع عشر وفترة الحماية
خلال القرن التاسع عشر، وُقّعت عدة اتفاقيات تجارية وقنصلية بين البلدين، عززت التعاون بينهما.
وقد تميز الموقف البريطاني آنذاك بالحذر والحرص على استقلال المغرب، في وقت كانت فيه بعض الدول الأوروبية تسعى إلى تقسيم النفوذ في المنطقة.
هذا الموقف خلق نوعاً من الثقة السياسية بين المملكتين ظل قائماً حتى بعد فرض الحماية الفرنسية سنة 1912.
من الاستقلال إلى العصر الحديث
بعد استقلال المغرب سنة 1956، تعززت العلاقات الثنائية في مجالات متعددة: التجارة، التعليم، التعاون الأمني والعسكري، والتبادل الثقافي.
ولطالما نظرت بريطانيا إلى المغرب باعتباره شريكاً استراتيجياً مستقراً يتمتع بموقع جغرافي فريد وبقيادة ملكية تحظى بالاحترام على الساحة الدولية.
الموقف البريطاني من مبادرة الحكم الذاتي.
يأتي تصويت المملكة المتحدة لصالح القرار 2797 الداعم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية تتويجاً لمسار طويل من العلاقات المتينة بين البلدين.
فهذا الموقف يعكس اقتناع لندن بجدية وواقعية المقترح المغربي، باعتباره الحل الأكثر توازناً وديمومة للنزاع الإقليمي.
مستقبل التعاون بين المملكتين.
تتجه العلاقات المغربية البريطانية اليوم نحو آفاق أرحب تشمل مجالات الطاقة النظيفة، والاستثمار، والبحث العلمي، والتبادل الثقافي.
وتؤكد المملكتان، اللتان تمثلان من أقدم الأنظمة الملكية في العالم، التزامهما المشترك بنشر قيم السلام والاستقرار والازدهار المشترك.






