أخبارسياسة

المغرب… الشموخ الذي لا ينحني تحت مشروع استراتيجي لمواجهة الكوارث الطبيعية برؤية ملكية سباقة: المغرب لا ينتظر… بل يستعد

بقلم: زكية لعروسي

في عالم تزداد فيه وتيرة الكوارث الطبيعية، وتتعاظم فيه المخاطر المناخية والبيئية، يواصل المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، ترسيخ نموذج استثنائي في الاستعداد المسبق والتخطيط الاستراتيجي لمواجهة الأزمات. إنه الشموخ الذي لا ينحني، والحكمة التي تُبصر العاصفة قبل أن تهبّ.

فتحت راية محمد السادس، لا ننتظر المصائب لنستفيق، بل نُحصّن أنفسنا كما يُحصّن الفارس قلعة النصر. من يتتبع هذه المشاريع يرى أن المغرب لا يركض وراء المستقبل… بل يصنعه. المغرب يخطو بثقة على درب الاستعداد والتخطيط، مستندا إلى رؤية ملكية سامية، تجسّد مقولة الأجداد: “اللي شاف العجاج من الشط، ما يخاف من الغيس.” فالمغرب لا يفاجأ بالأزمات، بل يستبقها بعقل بصير، وقائد نصير.

إطلاق جلالة الملك محمد السادس لأشغال بناء منصة الاحتياط الجهوية بالرباط-سلا-القنيطرة لم يكن مشروعا إنشائيا اعتياديا، بل لحظة تأسيس لمرحلة جديدة من الحماية الاستباقية، ضمن منظومة وطنية متكاملة تُعلي من قيمة الإنسان، وتجعل من كرامته أولى الأولويات، وتصبح الرؤية صمام أمان. فلم يكن غريبا أن تأتي الاستجابة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي يرى ببصيرة لا تغفل، ويقود بحكمة لا تهدأ. مشروع كان ولا بدّ منه… “اللي ما يحسب للزمان، يبات بلا أمان”

تنفيذ برنامج ضخم لإنشاء 12 منصة جهوية لتخزين احتياطات الطوارئ ليس ترفا إداريا، بل ضرورة وطنية جاءت في وقتها. ف”ـاللي سبقك بالنية، غلبك بالحيلة”، والمغرب بفضل قيادته الرشيدة، اختار أن يسبق الأزمات لا أن يُداوي آثارها فقط.

يمتد المشروع على مساحة 260 هكتارا، بمعدل 20 هكتارا لكل منصة. تُوزّع المستودعات على 36 وحدة معيارية، كل واحدة منها تبلغ 5.000 م²، بطاقة تخزينية إجمالية تصل إلى 180.000 م²، لتغطي ثلاث مرات احتياجات ما بعد زلزال الحوز. “اللي كيتعشا بكري، ما يبات جيعان.” على مساحة 20 هكتارا، وبتجهيزات لوجستيكية عالية الدقة، يجسّد هذا المشروع قولة المغاربة: “من حفر البير قبل العطش، ما ضاع في الهجير.”

يقود هذا البرنامج المركز الوطني للوقاية المدنية بتنسيق مع الولاة والسلطات الجهوية، ضمن نظام رقمي دقيق يضمن التدخل الفوري خلال أقل من 6 ساعات من وقوع الكارثة. هذه ليست مجرد خطة، بل رؤية متكاملة تتطلب تمويلًا ضخمًا يصل إلى 7 مليارات درهم، منها 5 مليارات لاقتناء التجهيزات و2 مليارات للبناء، مع منح الأولوية للإنتاج الوطني. “ما يحكّ جلدك غير ظفرك.”

استلهم هذا المشروع من التجارب العالمية بلمسة مغربية خالصة، إذ انطلق من دراسة لأفضل الممارسات الدولية في بلدان مثل البرتغال، إسبانيا، إيطاليا، والصين، ولكن التنفيذ يحمل الطابع المغربي الأصيل الذي يضع الإنسان أولا، قبل الحجر والحديد.

فماذا يُخزَّن إذن؟ كل ما يلزم لحماية الأرواح والكرامة:

-الإيواء: 200.000 خيمة، أَسرّة ميدانية، وأغطية لمواجهة قسوة الطبيعة.

-التغذية: مطابخ ومخابز متنقلة تُؤمِّن الطعام لـ 20.000 شخص.

-الصحة: ستة مستشفيات ميدانية بـ300 سرير، إضافة إلى نقاط طبية متنقلة للفرز والإسعافات الأولية.

-الماء والكهرباء: وحدات لتطهير المياه ومولدات كهربائية محمولة.

-الإنقاذ والتدخل: معدات متخصصة لمواجهة الفيضانات، الزلازل، والانهيارات، إضافة إلى مواد للتعامل مع الأخطار الكيميائية أو الصناعية.

إنها فلسفة متجذّرة في الوعي الملكي، حيث “اللي ما يحسب للعواقب، يندم على العتبة.” وهكذا، يبني المغرب قدرته على الصمود ليس بالارتجال، بل بحكمة تشبه دقة الصائغ وهو يعدّ حبّات الذهب.

من الخيام إلى المستشفيات الميدانية، ومن المطابخ المتنقلة إلى مولدات الكهرباء، كلها تجهيزات لا تراكمها الدولة للعرض، بل تعدّها بوعي صادق أن اللحظة قد تأتي بلا إنذار. المغرب لا يراكم الحديد، بل يصوغ الأمل في زمن الحاجة. “اللي تعشى بكري، ما يبات جيعان.”

منصة الأمان: “الراس اللي ما ينوطي، ما يتكسر”. في مغرب محمد السادس، لا مجال للتهاون، ولا مكان لانتظار الكارثة كي نتحرك. فالحزم لا يكون عند الهلع، بل في الحيطة. وهذه المنصات ليست فقط مستودعات، بل صروح للسيادة الوطنية، تبعث برسالة واضحة: نحن مستعدون، لأننا نحترم أرواحنا ونعرف قيمة أوطاننا.

لم يكن زلزال الحوز سوى ناقوسا دوّى في الوجدان المغربي، لكن جلالة الملك حوّله إلى درس في البناء والحكمة. فكانت الاستجابة ليست مجرد مساعدات ظرفية، بل انطلاقة لفلسفة وطنية جديدة: “من دارها بيديه، ما يخاف عليها.”

نحن امام رؤية تسبق زمانها بحكمة قائدها. فبينما تنشغل دول كثيرة في تدارك الأزمات، كان المغرب ينسج خطة للحماية، تستلهم من التجارب العالمية لكنها تلبسها عباءة مغربية أصيلة، لأن القيادة هنا لا تنتظر المجهول، بل تجهّز له العدة. “من سبقك بليلة، غلبك بالحيلة.”

المغرب اليوم، بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، لا يراهن على الحظ، بل على الحكمة والاستباق، ويصنع قدره بيده. فالشعوب التي تبني في وقت الرخاء، تُحصّن نفسها في زمن الشدة. جلالة الملك، بحنكته المعهودة، لم يترك للزمن أن يُفاجئ الوطن، بل اختار أن يحصّن كل جهة، كل قرية، كل بيت. وكأن لسان حاله يقول: “اللي ما يكرمك في الشدة، ما يستاهلك في الرخاء.”

بهذا البرنامج، يتحول المغرب من بلد يتلقى الضربات إلى دولة تقف على أهبة الاستعداد. مشروع كان لا بد منه… فجاء بحكمة ملك لا يترك أبناءه في العراء، بل يعدّ لهم ملاذا قبل أن تشتد العاصفة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Soyez le premier à lire nos articles en activant les notifications ! Activer Non Merci