بقلم: الشاعرة زكية لعروسي
من صفات القلم كما وصفه ابن نباتة المصري انه لسان الادب واداة الملوك في سفاراتها بينها وبين رعاياها، وبه تسطر الرسائل، وتسجل الحكم، وبظلمات مداده تستجلب الانوار والمناصب، وهو المجاهد عن الدول بدحض حجج أعدائها والمنتصب لمصالحها. فيكون سُحُبَ خيرٍٍ مثل مخارج اللسان؛ بهما الوصل، العطاء والصلح، وفي تواصلهما الجمع والثبات بدل الخراب والشتاء.
ومن هذا المنطلق أوجه رسالتي وباسم أبناء الجالية المغربية مناشدة صاحب الجلالة نصره الله والجهات المعنية بأن تبدل كل الجهود للجعل من الثقافة وسواد المداد والفن مناط قوتها وفتوة عرشها بالمهجر. إننا نعيش بالمهجر مخاضا سياسيا لا يبعث على الارتياح بل على غضب العناصر الأربعة وتسليط رياح تنبئ بوقوع المهالك والضراب والمنع والقطع والخراب.
إننا في حاجة إلى ربط الاواصر بين ابنائنا ووطنهم وثقافتهم، ولن يتم هذا إلا بإنشاء اسلوب حواري متواصل في صيغته الثقافية والتاريخية والادبية بإنشاء مركز ثقافي بباريس يمثل تراث بلدنا ويكون مرجعية لابناء الجالية. إن الثقافة والقلم شرفهم الله في كتابه فقال:
“إن والقلم وما يسطرون ما انت بنعمة ربك بمجنون” وقال جلت قدرته: “إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم” فالثقافة والقلم خُصِّصَا لكمال المعرفة وقيم الحكمة والسياسة ، وهما الشديدا البأس عند النزال. نحن بحاجة إلى هذه العلاقة بين ابنائنا ووطنهم الام اكثر من السابق مع وصول يمين متطرف في صفة مارين لوبين يزيد ابناءنا عريا وسيلان دمع وبطشا بهم إعلاميا.
الاحتماء بالثقافة بوسعه ان يكسو هذا العري ويرتق جهلهم ويروي من كان منهم ظاميا، ويبلغ من خطر هذه التغيرات الجيوسياسية والازمة الاقتصادية التي يعيشها العالم أن تقع قطيعة بين جيل -تمثله شريحة الشباب من ابنائنا- مع اباطح بلادهم وإغلاق ابواب الصلة مع امجاده القديمة والحديثة.. إنشاء مركز للثقافة بباريس سيكون القوة والصلابة الممثلة في تعزيز علاقات أولادنا بمغربنا الحبيب، كونه آلة ووسيلة ثقافية ودفع المعتدي بلسان العلم والتنوير والإدراك. يجب ان يسكن الفخر اولادنا بذخائر وطنهم وان يظهر عندهم في احسن المظاهر.. شعاع شمس وضوءا في ليل هجرتهم. ففِطرَةُ الرجل كما قال بعض الفلاسفة” معجونةٌ بحبِّ الوطن”، فكل جاهل بوطنه الأم وكل غريب كاليتيم اللطيم. فلا تزعزعوا أقدام ابنائنا بل ثبتوها وحصنوا نطفة وطنيتهم وسيروا على نهج عرب كانت -كما قال الجاحظ- “إذا غزت، أو سافرت، حملت معها من تربة. بلدها رملا وعَفراً تستنشقه عند نَزْلًة او زُكام او صُداع”.
ولا تجعلوا شعارهم للهواء ودثارهم للخواء بنعوت طاعنة من امثال “زماكرية”؛ بل ارموا عليهم كساء حب الوطن بدل كساء الريح. .فلََكمْ هي المناطق المغربية التي معينها أصحاب المهجر (ومنهم منطقتي الشرقية)..جددوا عهود الأمان والعمل على المصالحة مع أبناء الجالية بالتركيز واستعراض بلاغة الثقافة وقدرات الفن مما يثيره في المسامع والعيون من لذة. بخلق مركز ثقافي يحضن الكل دون استثناء.. الثقافة بطن يسع جميع الألوان والشرائح الاجتماعية ، وهي عدة العمل والقول والتمكن من الرفع دون الخفض، وبها فخر المغربي بديار الهجر بوطنه والإعلاء بمساهمته في بناء هيكل اقتصاده والسير على نهج الاباء بالاستثمار في السنوات المقبلة واستنطاق ذاكرة تاريخ اصبحت تفقد بل فقدت مهارتها وبراعتها عند جيل هجرة جديد.