لاءات المغرب الثلاث (عبد الدين حمروش)

بقلم: د. عبد الدين حمروش

 

المغرب يُشهر ثلاث لاءات في وجه المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا، في زيارته الأخيرة إلى الرباط. في هذه اللاءات، يظهر أن لغة المغرب الديبلوماسية صارت أكثر حزما وحسما. فهل كان القصد من ذلك، تأطير مبادرات المبعوث الأممي المستجدة، التي صارت تخرج عن سياقها المعهود؟

وبتعبير أدق، هل كان انفتاح المبعوث ديميستورا على فاعلين جدد، لهم مواقف سلبية مسبقة من المغرب، في إطار الصراع الجيو- ىستراتيجي المحتدم بالقارة، مثل دولة جنوب إفريقيا بالتحديد، وراء هذه اللغة المغربية الجديدة؟ ليس من المستعبد أن تسير قراءة الموقف المغربي في هذا الاتجاه، وبخاصة مع تزايد الإحساس بأن طريق ديميستورا الملتوية، لا يمكن لها إلا أن تؤدي إلى مزيد من إهدار الوقت، والجهد، وبالطبع الفرص.

غير أن الذي لا لبس فيه، هو أن المملكة، مُدعّمة بمواقف دول كثيرة وكبرى، في السنوات القليلة الماضية، لم تعد تقبل بالالتفاف على الهدف المركزي: الحكم الذاتي أولا وأخيرا. هذه هي “اللاء” الاستراتيجية الكبرى. بعبارة أخرى، لا يمكن لأي طرف دولي التغاضي عن الدينامية الحاصلة، التي يعرفها موضوع “حلحلة” الملف الصحراوي لصالح المغرب، وفي مقابل ذلك القبول بالعودة إلى المقاربة القديمة، “العقيمة” والفاشلة.

وفي ما يخص اللاء الثانية “التاكتيكية”، فإن إصرار المغرب على حضور الجزائر، في الموائد المستديرة المنتظرة، بصفتها فاعلا متورطا في الملف، هو من قبيل مُحاصرة مناوراتها، التي تعودنا عليها من أجل إفشال أي مسار أممي. ليس هناك من طرف فاعل وأصيل، في تعثر المسلسلات الأمية، ذات العلاقة بالملف، خارج التدخل الجزائري التخريبي.

أما بالنسبة للاء الأخيرة، ويمكن وسمها باللاء الأخلاقية، فليس من المنطقي إجراء مفاوضات، في ظل إصرار البوليزاريو على إشعال المنطقة بالنيران، وسعيها إلى ذلك ما وَسِعَها الجهد والقوة والحيلة.

إن كان قصد البوليزاريو، ومن خلفه الجزائر، إيصال رسالة “وجود اشتباك مسلح جار بالمنطقة”، إلى الفاعلين الدوليين البعيدين عن مجريات الأحداث، فلها ذلك وأكثر منه. غير أن الذي ينبغي إدراكه، هو أن مسألة “الأمن” في أقاليمنا الصحراوية محسومة، وبالتالي فلا تأثير لـ “مفرقعات عاشوراء” على الأجواء بتاتا. ومع ذلك، فينبغي رَكْن الخصوم في الزاوية، أمام المنتظم الدولي وهيئاته، بفعل سعيهم الخائب نحو إشعال المنطقة. ليس هناك من وضع مريح للمغرب مثل هذا. وما كان يقال من أن “المغرب في صحرائه، والصحراء في مغربها”، ليست أكثر تجسيدا مما هي عليه اليوم.

نقطة إلى السطر.