يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، اليوم الأربعاء (11 يناير)، الذكرى الـ 79 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، التي تعد حدثا نوعيا في ملحمة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق السيادة الوطنية والوحدة الترابية.
وثيقة المطالبة بالاستقلال أصبحت حدثا وطنيا كبيرا تحتفظ به الذاكرة التاريخية للشعب المغربي. فسياقات هذا الحدث وتفاصيله وسجالاته متعددة، إذ أن هذا الحدث الوطني الكبير يمنح دروسا متواصلة إلى اليوم، وبات من الضروري تعريف الشباب والأجيال الحالية بها، والحرص على استحضارها الدائم.
وقد وقف المغرب عبر تاريخه العريق بعزم وإصرار، أمام أطماع الطامعين في أراضيه، حيث دافع عن وجوده ومقوماته وهويته ووحدته، بتلاحم وقوة مشتركة بين العرش والشعب، في سبيل صيانة الوحدة الترابية وتحمل جسيم التضحيات في مواجهة المحتل الأجنبي.
وحاول المحتل الأجنبي استعمار أراضي البلاد مند بدايات القرن الماضي، ليقوم بتقسيم وتشتيت وحدة التراب الوطني، هذا التقسيم الذي شمل مجموعة من مناطق النفود التي توزعت بين الحماية الفرنسية والإسبانية بكل من وسط المغرب وشماله ولم يكتفي بل وصل للمناطق الجنوبية أيضا.
كان المغرب يعيش في دوامة من التقسيم والتشتيت في أراضيه ما جعل مهمة التحرير الوطني عسيرة أمامه، حيث قاوم الشعب والسلطان في سبيلها بقوة في سياق كفاح متواصل وطويل الأمد ومتعدد الأشكال والصيغ لتحقيق الحرية والخلاص.
في 11 يناير 1944، قام رجال الحركة الوطنية بتنسيق مع الملك الراحل محمد الخامس، بخوض معركة نضالية حاسمة، تمثلت في مراحل ومحطات مهمة، أهمها تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال إلى سلطات الحماية الفرنسية وتسليم نسخ منها إلى المقيم العام غابرييل بيو وإلى القنصلين العامين لبريطانيا والولايات المتحدة وإلى الجنرال ديغول.
حيث تطورت هذه المطالب بعد تغير المشهد العام في المغرب، إذ تعرض بعض قادة الحركة الوطنية في نهاية الثلاثينات للاعتقال والنفي، خاصة بعد أحداث بوفكران سنة 1937، وتأسيس أحزاب جديدة منها حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال وحزب الوحدة المغربية وحزب الإصلاح الوطني والحزب الشيوعي، وانعقاد مؤتمر آنفا في يناير 1943، الذي كان فرصة للقاء بين السلطان محمد بن يوسف والرئيس الأمريكي روزفلت حيث عرض السلطان مطالب المغرب.
فقدمت الحركة الوطنية وثيقة يوم 11يناير 1944 تطالب فيها باستقلال المغرب ووحدة ترابه، وكان رد سلطات الحماية الفرنسية بشن حملة اعتقالات بعد أيام من تقديم الوثيقة.